Friday, August 31, 2007

البحث عن كلام العيون. فيلم لصلاح هاشم

البحث عن كلام العيون
فيلم لصلاح هاشم
باريس- سينما ايزيس
فيلم " البحث عن كلام العيون" لصلاح هاشم الذي يصور حاليا هو الجزء الثاني من فيلم " البحث عن العيون " المفقود الذي انجزه صلاح هاشم في باريس في فترة السبعينيات في محاولة لرسم "صورة مصر" كما يتمثلها المهاجرون المصريون الذين يعيشون في فرنسا وعرضه في جامعة فانسان في باريس في 5 يونيو 1976 بعد تخرجه في قسم السينما بالجامعة المذكورة. انه امتداد ل " كلام العيون " المفقود وهو ايضا فيلم جديد عن مصر 2007

Saturday, August 04, 2007

مردود الثقافة ودورها بقلم صبري حافظ

غلاف مجموعة " الحصان الابيض " لصلاح هاشم الصادرة عن دار الثقافة الجديدة في مصر1976



كلمة




مردود الثقافة ودورها


بقلم


د.صبري حافظ




السؤال الملح الذي يطرحه هذا التدهور هو لماذا يتدني مردود الثقافة؟ لا مردودها المادي لمن يمارسها فحسب، وإنما مردودها المعنوي وتأثيرها في واقعها وفي متلقيها علي السواء. وهل كان من الممكن أن يتردي الواقع العربي سياسيا وحضاريا بالصورة التي يعاني منها الآن علي كل الأصعدة لو لم يتدهور دور الثقافة ومكانة المثقف فيه؟أثار حديثي في الأسبوع الماضي عن مهرجان أفينيون، وتمويل الجمهور لمغامراته المسرحية بسخاء، من خلال إقباله علي شراء تذاكره برغم ارتفاع ثمنها الملحوظ مجموعة من الشجون والمواجد تتعلق بحال الثقافة عندنا ومردودها المتدني، والذي يزداد تدنيا مع تنامي احتواء المؤسسة السياسية للثقافة والمثقفين من ناحية، وحرصها علي خنق المثقف المستقل وحصاره وحرمانه من المردود والشهرة معا من ناحية أخري، وتقلص قدرات الجمهور الشرائية للمنتج الثقافي من ناحية ثالثة. وهي كلها حلقات متضافرة في منظومة جهنمية واحدة تساهم في تدني الثقافة، والحيلولة دون استقلال المثقف، والنيل من فاعلية الكلمة ودور المثقف معا. وكنت قد التقيت في باريس وأنا في طريقي إلي أفينيون بالناقد السينمائي المصري المعروف صلاح هاشم والذي عرفته منذ بداياته الأدبية الباكرة حينما شاركت في مناقشة مجموعته الأولي (الحصان الأبيض) في البرنامج الثاني في الإذاعة حينما كان لهذا البرنامج دور كبير في نشر الثقافة وتشجيع المثقفين الشباب والجادين. وأخذنا نتبادل الشجون حول تردي الوضع الثقافي من ناحية، وتدني مردود العمل الثقافي من ناحية أخري. فبينما ترتفع أسعار كل السلع بانتظام وفي كل أنحاء العالم تقريبا، ويرتفع مردود العمل الإبداعي والثقافي المستقل في الغرب خاصة، يتدني مردوده في مصر بانتظام حتي أصبح من المستحيل علي المثقف الذي يريد الحفاظ علي استقلاله وحريته وينأي بنفسه عن أردان المؤسسة أن يعيش حياة كريمة. وأخذنا نتذكر معا كيف كانت مكافأة المقال أو القصة او المشاركة في برنامج ثقافي إذاعي قبل ثلاثين أو أربعين عاما وكيف أصبحت الآن. وأخذت أروي له ما أذكره بوضوح من مردود للعمل الثقافي في شبابي الباكر حينما كانت مكافأة المقال في جريدة (المساء) أو مجلة (المجلة) أو الحديث في الإذاعة للشاب المبتدئ خمسة جنيهات، وهو ثلث المرتب الشهري لخريج الجامعة وقتها، والذي كان يستطيع أن يعيش بمرتبه حياة كريمة علي عكس مرتبات هذه الأيام. كما أن هذه الجنيهات الخمسة كانت تعادل ثمن 12 كيلو من اللحم، أو ثمن 600 بيضة. وكيف أصبح الحال الآن! صحيح أن هذه المكافآت قد ارتفعت الآن ولكنه ارتفاع لا يتماشي بأي حال من الأحوال مع ارتفاع الأسعار. فأصبحت مكافأة المقال أو الحديث الإذاعي تعادل قيمة ثلاثة كيلو من اللحم علي أكثر تقدير أي أنها أنخفضت إلي ربع قيمتها الشرائية الحقيقية.وأخذ يروي لي أنه وفي فترة زمنية أقل من تلك التي أحكي عنها حيث أقارن بين ما كان يدور في ستينات القرن الماضي وما يدور الآن و في سوق العمل الثقافي العربي الذي تخلق في الغرب في لندن وباريس خاصة والذي عمل به ويعرفه جيدا منذ ذلك الوقت حدث الشيء نفسه. فبين أواخر السبعينات وبدايات الثمانينات كانت مكافأة المقال النقدي عن السينما في المجلات العربية المختلفة التي عمل بها تعادل دون فروق الأسعار أكثر من ضعف قيمتها الآن، وأنها انخفضت مع أخذ فروق الأسعار في الحسبان إلي الربع أيضا. وبدا لنا أن هذا الأمر المحزن لا ينال من الثقافة والمثقف في الوطن العربي فحسب، بل يلاحقه إلي المنافي العربية التي أخذت تنطبق عليها القوانين الجهنمية السائدة في الوطن من هذه الناحية.والسؤال الملح الذي يطرحه هذا التدهور هو لماذا يتدني مردود الثقافة؟ لا مردودها المادي لمن يمارسها فحسب، وإنما مردودها المعنوي وتأثيرها في واقعها وفي متلقيها علي السواء. وهل كان من الممكن أن يتردي الواقع العربي سياسيا وحضاريا بالصورة التي يعاني منها الآن علي كل الأصعدة لو لم يتدهور دور الثقافة ومكانة المثقف فيه؟ هل وعي المؤسسة السياسية العربية بأن ثمة تناقضا أساسيا بين توجهاتها وتبعيتها وبين اجتهادات الثقافة العقلية الوطنية المستقلة هو الذي جعلها توجه آلة استيعابها الجهنمية هذه الوجهة التي أجهزت بها علي دور الثقافة، ودور العقل النقدي الحر، ودور المثقف المستقل؟ ولماذا أصبح ثمن المثقف متدنيا عند كل من المؤسسة التي أحالته إلي كلب من كلاب حراستها، والجمهور الذي فقد الثقة فيما يقدمه له فانفض عنه؟ أم أن ثمة خللا بنيويا في بنيةالثقافة العربية ومسارها التنويري جعل القارئ ينفض عنها وبالتالي يحرمها من تمويله لها؟ لأن استقلال الثقافة الاقتصادي هو حجر الأساس لاستقلالها الفكري والموقفي. هل هناك أمل في أن تطرح الثقافة العربية مؤسساتها المستقلة التي يلتف حولها الجمهور يدعمها ويمولها ويحميها من هجمات المؤسسة الشرسة عليها؟ هذه أسئلة أود أن أطرحها علي الواقع الثقافي وأرجو أن يدير المثقفون حوارا موسعا حولها. لأنه لا أمل عندي في الخروج من أزمتنا الوطنية والحضارية الخانقة ما لم تنهض الثقافة بدورها العقلي والنقدي، وتقدم النموذج الذي يمكن أن يحتذي، ويتحرر المثقف من تبعيته المزرية للمؤسسة.

عن " اخبار الأدب " بتاريخ الاحد 29 يوليو